أما منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «فاو» فقد قدرت كمية الغذاء المنتج للاستهلاك البشري، التي يكون مصيرها الهدر على المستوى العالمي بنحو (1. 3) مليار طن سنويًا، وهي كمية تكفي لإطعام نحو ملياري شخص.
وإذا سألنا أنفسنا عن سبب هذا السلوك الخاطئ الذي يتناقض مع مقاصد الصيام وأهدافه، بل مع روح الشريعة الإسلامية القائمة على الاعتدال والاتزان انطلاقا من القاعدة الشرعية: "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا"، لوجدنا انه راجع الى فهم خاطئ لفريضة الصيام، والى الانجرار وراء تيار المفاخرة والتقليد للآخرين، والى عدم محاسبة النفس وتقويمها، وبالتالي يكمن علاج هذه الظاهرة بما يلي: أولاً: الفهم الصحيح لفريضة الصيام على أنها تطهير للنفس والمال والمجتمع، وأنه عبادة صحيحة وعقيدة سليمة وأنه صبر وجهاد وتضحية ومشقة، وليس لإقامة الولائم والحفلات والتنافس في الملذات والترفيهات والمظهريات. ثانيًا: المحاسبة والمراقبة الذاتية: قبل وأثناء الإنفاق والاستهلاك، والتفكر والتدبر في النتائج المترتبة على الإسراف والتبذير والترف والمظهرية.. فمن شق عليه الحساب في الدنيا سهل عليه في الآخرة. وفي هذا الشأن يقول عمر بن الخطاب: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم وتهيأوا للعرض الأكبر". كما يجب على المسلم أن يتذكر الفقراء والمساكين والمجاهدين والوقوف أمام الله للمحاسبة الأخروية ليس في رمضان بل في كل الأوقات. ثالثاً: الاقتداء والتأسي بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة من بعده في سلوكهم ونفقاتهم في شهر رمضان ولا سيما من حيث الاقتصاد، ويتذكر حديث رسـول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: "ما ملأ آدم وعاء شرًا من بطنه، حسب ابن آدم لقيمات يقمن بها صلبه، فإن كان فاعلاً لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه".